التعرية البحرية وجيومورفولوجيا السواحل
الجزء الأول
التعرية البحرية وجيومورفولوجيا السواحل
تتميز التعرية البحرية عن غيرها من أنماط التعرية بخصائص يمكن تلخيصها في النقاط التالية :
1- يتركز فعل البحر في نطاقات معلومة محدودة .
ذلك أن امتداد خط الساحل يقرر المساحة التي تطولها الأمواج وتؤثر فيها ، ومن ثم فكلما ازداد تسنن الساحل، زاد طوله ، وبالتالي ازداد مجال فعل الأمواج . كما أن تأثير الأمواج رأسيا محدود أيضا ، فهو لا يزيد كثيرا عن أقصى ارتفاع تصله مياه المد العالي كما أنه محدود العمق عن أدنى حد تبلغه مياه الجزر الواطئ .
2- الأشكال التي تنشئها التعرية البحرية سريعة التغير نسبيا .
فمعظم البلاجات والشواطئ لا تبقى على حالها إلا مدة قصيرة ، ذلك أن تذبذب حركة المد والجزر والرياح والأمواج التي تنشئها وتشكلها ، ما تلبث أن تهدمها أو تعدل من شكلها . كذلك الجروف ، يصيبها التساقط والانزلاق وبالتالي التغير الشديد ، خصوصا إذا كانت مكونة من صخور هشة مفككة .
ويعتبر تراجع الجروف وتآكل السواحل من الأمور الخطيرة التي تهم الأقطار الساحلية ، خصوصا إذا ما كانت تلك النطاقات منتجة ومعمورة . ورغم أن عملية تكوين الألسنة والخطاطيف والحواجز والشطوط تتم ببطء نسبيا ، فلا ترى ولا تحس كانهيار الجروف وتآكل السواحل ، فإنها تتم في عدة عقود قد لا تزيد كثيرا على قرن واحد من الزمان .
3- يتلقى نطاق الساحل نتاج التعرية البحرية
من الرواسب كما ترد إليه رواسب عوامل التعرية الأخرى ، كالرواسب النهرية والجليدية والهوائية ، لذلك نجد في النطاقات الساحلية توازنا بين أشكال النحت والإرساب ، وهذا ما نفتقده في الداخل القاري الذي يتأثر بعوامل التعرية الأخرى .
4- لا يتم تشكيل الجروف وتراجعها بواسطة التعرية البحرية وحدها .
صحيح أن التعرية البحرية تنحت وتفوض أسافل الجروف التي تكون في متناول فعل الأمواج مما يعين على انهيار الجزء العلوي ، لكن درجة التقويض البحري عند قواعد الجروف قد تكون أقل حدة من تعرية الجروف ككل بواسطة عوامل التعرية الأخرى .
5- عمليات التعرية البحرية منظورة .
وهي نشطة تقوم بعملها بسرعة تناسب إمكانيات الدارس الذي يرغب في ملاحظتها وقياسها . فمن السهل دراسة فعل الأمواج المتكسرة الهدامة ، وتلك المتهادية البناءة ، وملاحظة حركة المواد من الحصى البحرية والرمال وهي تتحرك فوق سطح الشاطئ صعدا نحو اليابس ونزلا لاتجاه البحر ، وعلى امتداد الشاطئ مع تيار الدفع الناشئ من طبيعه حركة الأمواج .
وقبل أن ندخل في تفاصيل الدراسة الجيومورفولوجية للسواحل ، يحسن بنا أن نحدد معاني بعض المفاهيم الخاصة بها . فكلمة ساحل Coast تدل على نطاق اتصال اليابس بالبحر ، بينما يشمل الشاطئ Shore المساحة الواقعة بين حضيض الجروف البحرية (وهى الحوائط الصخرية المشرفة على البحر) وأدنى مستوى تصله مياه الجزر . وإذا حدث وكان الساحل سهليا يخلو من الجروف .
فإن تغبير الشاطئ يطلق حينئذ على المساحة المحصورة بين أعلى حد تصله أمواج العواصف وبين أدنى منسوب تصله مياه الجزر . أما البلاج beach فيتألف من رواسب الرمال والحصى فوق الشاطئ . ويمكن تعيين خط الساحل caastline إما بخط الجرف البحري أو الخط الذي تصل إلية أعلى أمواج العواصف .
وينقسم الشاطئ إلى نطاقين :-
الشاطئ الأمامي Fore-short ويمتد من أدنى منسوب لمياه الجزر إلى أعلى منسوب تصله موجة المد ،
والشاطئ الخلفي Back-short ويمتد من أعلى منسوب تصله موجة المد إلى خط الساحل .
(1) الساحل والشاطئ والبلاج
* العوامل التي تؤثر في تشكيل السواحل :
يتوقف شكل الساحل على تفاعل عدد من العوامل نجملها فيما يلي :
أولاً : فعل الأمواج وحركة المد والجزر والتيارات البحرية . وهى جميعا تقوم بوظائف النحت والنقل والإرساب في المنطقة الساحلية .
ثانياً : طبيعة الساحل أو هامش اليابس الذي يتعرض لفعل تلك العمليات البحرية هل هو مرتفع شديد الانحدار ، أو منخفض هين الانحدار ؟ هل هو مستقيم أو مسنن ؟؟ يضاف إلى ذلك خصائص تكوينه الصخري ودرجة مقاومة صخوره للتعرية ، ومدى التجانس أو التفاوت في تركيبها .
ثالثاً : التغيرات التي انتابت وتنتاب المستوى النسبي لليابس والماء ، والتي تعرف أحيانا بالتغيرات الموجبة والسالبة بحسب نتائجها في رفع أو خفض مستوى البحر بالنسبة للساحل .
و فيما يلى تفصيلا لهذة العوامل
تعليقات
إرسال تعليق